كيف يتجلى استثمار الدوحة في النظام السوري الجديد؟ وكيف يؤثر ذلك على القوى الإقليمية؟
منذ صعود "الشرع" إلى السلطة، تلعب قطر دورا محوريا في عملية إعادة إعمار سوريا، ويرسخ مكانتَـها كلٌّ من الدعم الأمريكي المعلن لها وتنسيقها مع تركيا، بصفتها عاملا رئيسًا في تشكيل النظام السوري الجديد. وقد أعادت فتح سفارتها في دمشق، وأرسلت المساعدات، وأطلقت مشاريع بنية تحتية، واستثمرت في مجالات الطاقة والصحة والمواصلات.
تطرح قطر نفسها بديلًا عمليًا عن دول الخليج الأخرى، بدمجها للدبلوماسية مع استراتيجيتها الاقتصادية "من القاعدة إلى القمة"، وذلك في سياق إرساء الاستقرار في سوريا الجديدة. ومع ذلك، فهذه السياسة تحمل في طياتها مخاطر: فالوضع الداخلي الهش في سوريا، وتعدد الميليشيات، والتهديد الجهادي، وقضية الأقليات، كلها تضع تحديات غير بسيطة أمام إدارة "الشرع"، وبالتالي أمام قطر، حيث إن فشل المشروع سيجعل من الاستثمار القطري رهانًا خاسرًا.
منذ سقوط بشار الأسد وتولي أحمد "الشرع" الحكم في سوريا، أصبحت قطر طرفا مهيمنا وذا نفوذ متزايد في البلاد. وعلى غرار تركيا، فقد دعمت قطر المتمردين السوريين لسنوات، غير أنها تمسكت بموقف حازم ورفضت أي اعتراف سياسي بالأسد، على عكس أنقرة وبقية الدول العربية التي بدأت تسعى مع مرور الوقت إلى المصالحة معه. وبذلك كانت الدولة العربية الوحيدة التي لم تطبع علاقاتها مع الأسد، وكانت أول دولة عربية —بعد سقوطه— تعترف بالحكومة السورية الجديدة.
وفي غضون أسبوع من وصول "الشرع" إلى الحكم، أعادت قطر فتح سفارتها في دمشق، وبدأت في تقديم المساعدات الإنسانية، ودعم مشروعات اقتصادية ومشروعات البنية التحتية لإعادة إعمار البلاد. وانخراطها هذا لا يعكس فقط رغبتها في مواصلة ترسيخ مكانتها بصفتها عاملا وسيطا ومُصلِحا في العالم العربي، بل يعكس أيضا طموحها في تشكيل النظام الجديد في البلاد بما يخدم مصالحها وأهدافها.
في 6 أغسطس 2025، أُقيم في سوريا حفل احتفالي، جرى خلاله التوقيع على اتفاقية استثمار بين سوريا وجهات، على رأسها مجموعة أورباكون القطرية للتجارة والمقاولات وشركات إماراتية وإيطالية أخرى، وتشمل بناء مطار جديد ومترو أنفاق. وقد شهد على أهمية هذا الحدث في نظر الإدارة الأمريكية— حضورُ المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك. كما صرّح رئيس هيئة الاستثمار السورية، طلال الهلالي، خلال الحفل قائلا: "إن اللقاء لم يكن مجرد حدث رسمي، إنما هو إعلان واضح وصريح بأن سوريا مفتوحة للاستثمارات". وفي هذا الإطار جرى الإعلان عن مجموعة من المشروعات الاستراتيجية الكبرى، وهي 12 مشروعًا بقيمة إجمالية تبلغ 14 مليار دولار. وتُعد هذه أكبر صفقة وُقعت حتى الآن بين حكومة سوريا الجديدة وقطر، كجزء من تعاون يزداد توطيدا منذ ديسمبر 2024.
هذا، وكان موقف قطر الثابت، بدعمه للمعارضة السورية ورفضه المستمر لتطبيع العلاقات مع حكومة الأسد، قد مهّد الطريق لدور الدوحة المحوري في حقبة ما بعد الأسد. حيث يسمح هذا الموقف للدوحة اليوم، بالشراكة مع أنقرة، بأن تتمتع بشرعية في تشكيل علاقاتها مع القيادة الجديدة في سوريا، ربما أكثر من أي طرف عربي آخر.
وجدير بالذكر أن قطر تعمل منذ سنوات في الشرق الأوسط —عامةً— بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة، وفي سوريا —خاصة— حظي التدخل القطري بمباركة واشنطن. كما حظي دور قطر أثناء سقوط حكم بشار وبعده بتقدير إيجابي في الغرب. وتبدو الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، مهتمة بالاستفادة من النفوذ القطري في سوريا؛ لزعزعة "الهلال الشيعي" للدول والمنظمات الموالية لإيران، الذي لعبت فيه سوريا دورا محوريا.
كذلك، تتجلى الأنشطة القطرية في الاتصالات الدبلوماسية مع سوريا؛ فقد كان أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أول زعيم عربي يزور دمشق بعد تغيير السلطة، وذلك في يناير 2025. وقد كانت الزيارة بمثابة استمرار أكثر منها تحولا؛ فمن دولة دعمت بشكل واضح المعارضة السورية لحكم الأسد، إلى راعية لإعادة إعمار الدولة تحت سلطة جديدة قائمة على هذه المعارضة.
وقد سعت قطر إلى ترسيخ موطئ قدم لها في سوريا، وذلك أيضا لاستباق جاراتها في الخليج، ولاسيما الإمارات العربية المتحدة التي بقيت أكثر ترددا إزاء طبيعة ونوايا الجديد في دمشق. وقد أدت الزيارات المتبادلة لاحقا لكبار المسؤولين من البلدين إلى إعلانات مشتركة، بشأن تعزيز العلاقات، وتقديم المساعدات في مجال البنية التحتية، ودمج سوريا الجديدة في المنظومة الإقليمية. كما عملت قطر على التوسط بين القيادة الجديدة والأطراف الإقليمية، مع إبراز قدرتها على الوساطة في الساحة السورية المتغيرة، بما في ذلك محاولات للوساطة بين إدارة "الشرع" وإسرائيل.
ولقد صارت قطر تدريجيا، إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مصدر التمويل الرئيسي لإعادة إعمار سوريا. حيث كانت المملكة العربية السعودية هي من ناشدت الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا (وهي خطوة أتاحت بدء الاستثمارات في البلاد)، وكان محمد بن سلمان نفسه هو من أقنع الرئيس ترامب بالاجتماع مع "الشرع".
وفي مارس 2025، منحت إدارةُ ترامب قطرَ الضوء الأخضر لضخ الغاز الطبيعي إلى سوريا عبر الأردن. وفي أبريل، أعلنت قطر والمملكة العربية السعودية بشكل مشترك عن نيتهما تسوية ديون سوريا للبنك الدولي. وفي 16 مايو، أكد البنك الدولي أن الدوحة والرياض قد سددتا ديون سوريا البالغة 15.5 مليون دولار، الأمر الذي سمح لـ"مجموعة البنك الدولي بتجديد انخراطها في البلاد والمساعدة في تلبية احتياجات الشعب السوري".[1]
تُمثل الطاقة ركيزة أساسية أخرى في التدخل القطري في سوريا؛ فقد وقعت قطر مذكرة تفاهم[2] بقيمة سبعة مليارات دولار لإنشاء أربع محطات طاقة تعمل بالغاز ومحطة للطاقة الشمسية، وذلك بالشراكة مع شركات من تركيا والولايات المتحدة. ومن المتوقع عند اكتمال هذه المشروعات أن توفر محطاتُ الطاقة الخمس أكثر من نصف احتياجات سوريا من الكهرباء. وقد وُقِّع اتفاق الطاقة هذا بعد أيام قليلة من بدء إدارة ترامب رفع العقوبات عن سوريا، وهو ما أشار إلى أن واشنطن تعمل بالتنسيق مع الدوحة وأنقرة، وتنظر بإيجابية إلى دفء العلاقات بين قطر وتركيا من جهة وبين دمشق من جهة أخرى. وتتزامن هذه الخطوة مع خطة أخرى واسعة النطاق لتزويد سوريا بالكهرباء، بالاعتماد على الغاز الذي يُضَخ من أذربيجان عبر تركيا.
علاوة على ذلك، فإن قطر مولت برنامجا لدفع رواتب بقيمة 29 مليون دولار شهريا لمدة ثلاثة أشهر موظفي القطاع العام السوري. وهذه الخطوة جاءت بالتعاون مع المملكة العربية السعودية، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، وضمن إطار تخفيف العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة.
بالتوازي مع ذلك، فقد أُرسلت مساعدات شملت أدوية ومعدات طبية ومواد غذائية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي، لاسيما في المناطق المتضررة من القتال والمناطق الريفية. كما أَطلق صندوق قطر للتنمية والهلال الأحمر القطري برامج طبية مشتركة مع مؤسسات سورية، شملت ندوات دولية بهدف تدريب الأطباء المحليين في دمشق ولرعاية حالات الصدمات النفسية (التروما).
توسع التدخل القطري في سوريا ليشمل أيضا مجال البنية التحتية للطيران. فقد استأنفت شركة الطيران الوطنية القطرية في يونيو 2025 رحلاتها المباشرة بين دمشق والدوحة، في إطار تعاون يشمل تدريب طيارين سوريين في قطر. وتعكس هذه الخطوة نية قطرية لإعادة دمج سوريا في الفضاء الاقتصادي والمواصلاتيّ (وحركة النقل) الإقليمي، مع التركيز على الربط المباشر بالمراكز الاقتصادية في الخليج. وفي المجال الأمني، فقد شهد شهر أبريل 2025 زيارة لوفد أمني قطري إلى دمشق، جرى خلالها بحث إمكانيات تدريب قوات الأمن السورية، لاسيما في مجالات التكنولوجيا واللوجستيات والسيطرة المدنية. كما أعربت قطر عن دعمها المبدئي لدمج "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في مؤسسات الجيش والأمن الحكومية، كخطوة لإعادة توطيد سلطة مركزية. ويضع هذا الاعتراف قطر في موقع الوسيط بين أجزاء سوريا المنقسمة، بما في ذلك تلك المدعومة من الولايات المتحدة والأكراد.
الدوحة ودمشق والمصالح المتداخلة
تتنوع المصالح القطرية في الساحة السورية، حيث تسعى قطر إلى ترسيخ نفوذها المستدام في "سوريا الجديدة"، انطلاقًا من رؤية جيوسياسية تركز على النفوذ المدني والاقتصادي، وليس بالضرورة النفوذ العسكري المباشر. وإلى جانب ذلك، تضع قطر نفسها بديلا عن النفوذ السعودي–الإماراتي، الذي يتركّز أساسًا على استثمارات الاقتصاد الكلي والقروض المشروطة؛ إذ تفضّل قطر —على خلافهما— حضورًا مكثفًا في قطاعات البنية التحتية والصحة والتعليم والإدارة المحلية، وهو نموذج يمكّنها من البناء "من الأسفل". أما عن السياق الإقليمي الأوسع، فإن قطر تسعى إلى الحدّ من النفوذ الإيراني في سوريا، مع الحفاظ على قناة مفتوحة مع تركيا ومع بعض مجموعات المعارضة السابقة.
وتتميز المشاركة القطرية عن غيرها من الدول بتعدد جوانبها؛ فهي تقدم المساعدة، علاوة على تشكيل البيئة المؤسسية والاقتصادية والمدنية التي تعمل فيها الحكومة السورية الجديدة. ولا تقتصر المنافسة مع الأطراف الأخرى في الساحة السورية على الجوانب الاقتصادية فحسب، إنما تتعلق أيضًا بمسألة الهوية السياسية والاجتماعية لسوريا خلال العقد المقبل. فعبر شبكة عمل واسعة، تسعى قطر إلى أن تكون "سوريا ما بعد الأسد" دولة محافظة معتدلة تتوافق مع فكر الإخوان المسلمين، مع إتاحة هامش عمل كبير للأطراف الخارجية؛ وهو نموذج يتوافق مع مفهوم الأمن القومي للدوحة ونموذج التأثير العالمي الذي تروج له.
غير أن تعاظم النفوذ القطري، إلى جانب نظيره التركي، من شأنه أن يمهد الطريق لإقامة دولة إسلاموية[3] في سوريا؛ وهو سيناريو غير مستبعد بالنظر إلى الماضي الجهادي لجزء من قيادة سوريا الجديدة. وعلى الرغم من رغبة واشنطن، وكذلك الدول الأوروبية، في أن تكون الحكومة السورية الجديدة قوةً معتدلة، فإن الحضور الفعلي للدوحة وحجم استثماراتها الكبير في الساحة يشيران إلى أنه لا ينبغي افتراض ذلك كأمر مسلم به.
وتعكس المصلحة السورية في توثيق التعاون مع قطر مزيجًا بين الاحتياجات المُلِحّة والرؤية الاستراتيجية طويلة الأمد. فبعد أكثر من عقد من الحرب والعقوبات الدولية والعزلة السياسية، أصبح الاقتصاد السوري في حالة انهيار؛ فنصف البنى التحتية في البلاد مدمرة، وإمدادات الكهرباء لا تتجاوز بضع ساعات يوميا، بجانب معدلات البطالة التي سجلت ما يزيد على 25%، مع وجود نقص حاد في الخدمات الصحية والمياه والإسكان.
إن التواصل مع قطر واستعدادها لتشجيع الاستثمارات في البلاد من شأنه أن يخفف من حدة الأزمة الاقتصادية والإنسانية، وأن يسمح للسلطة الجديدة بإنعاش الاقتصاد المحلي بوتيرة سريعة نسبيا، مقارَنةً بالتمويل القادم من المؤسسات الدولية الرسمية. وفضلًا عن ذلك، فبعد عقد اعتُبرت فيه سوريا دولةً فاشلةً ومعزولةً، فإن تعزيز العلاقات مع الدول العربية عامة ومع قطر خاصة، يبعث برسالة مفادها إعادة التأهيل والانفتاح وبناء الثقة.
كما أن العلاقات في مجالات النقل والسياحة والتجارة، التي أصبحت ممكنة الآن بفضل الاستثمارات القطرية، تسهم بدورها في إعادة ربط سوريا بصفتها طريقَ عبور، الأمر الذي يُقوي مكانتها الإقليمية.
بعد التفاؤل الحذر الذي ساد الشارع السوري عقب سقوط حكم الأسد الوحشيّ، فإن المواجهات العنيفة التي شهدتها البلاد في الأشهر الستة الماضية —التي أودى آخرها بحياة أكثر من ألف قتيل من أبناء الطائفة الدرزية— قد زادت من انعدام الثقة والريبة تجاه حُكم "الشرع" في صفوف بعض السوريين. غير أن التعافي الاقتصادي، الذي يُتوقع أن يجلب تحسنا ملموسا في مستوى المواطنين المعيشي، بالإضافة إلى تعزيز مكانة سوريا الإقليمية، قد يساهمان في تقوية "الشرع"ية الشعبية لحكم "الشرع".
ويتناغم ما تمتاز به تركيا من تواجد طويل في شمال سوريا ونفوذ على الجماعات المسلحة مع تطلعات قطر الاقتصادية والدبلوماسية. لذلك، فمن المرجح أن تواصل قطر التنسيق مع أنقرة بشأن مبادراتها المختلفة. إلا إن هناك تحديات جمة لا تزال ماثلة أمامها؛ فبالإضافة إلى التنافس على النفوذ في الساحة السورية مع باقي دول الخليج —كلٌّ منها يجذب في اتجاه مختلف— فإن الجماعات المسلحة المختلفة في سوريا لا تزال هي الأخرى منقسمة، وقد فشلت حتى الآن محاولة توحيدها في إطار حكم واحد، ومن المتوقع أن تواجه صعوبات.
ورغم أن الاستثمارات الاقتصادية قد تخفف من الضائقة المباشرة، فإنها لا تقدم علاجا للمشكلات الأساسية والتحديات التي تواجه "الشرع"، ومنها: الأقليات التي ترفض الاندماج في مؤسسات الدولة وفقا للشروط التي يسطرها، وتواجد المقاتلين (الجهاديين) وعناصر متطرفة أخرى ممن يواصلون تأجيج العنف والصراعات (خاصة ضد الأقليات)، وأخيرا، التهديدات من جانب تنظيم "داعش" والجهات المرتبطة بإيران وحزب الله. كل هذه العوامل تثير الشكوك حول قدرة "الشرع" على تحقيق الاستقرار في البلاد على المدى القريب، بل تثير —بشكل عام— تساؤلات حول فرص بقائه السياسي. أما في حالة فقد "الشرع" قبضته على البلاد، فسوف يتبيّن أن الرهان القطري عليه كان خاطئا.
وفي ضوء التنسيق الوثيق بين الدوحة وواشنطن، بما في ذلك في الساحة السورية، يجدر بإسرائيل أن تقترح على الولايات المتحدة صياغة سياسة مسؤولة وحذرة تجاه "الشرع". وينبغي لهذه السياسة أن ترتكز على ربط الاستثمارات تدريجيا في سوريا، وذلك بتنفيذ النظام للإصلاحات، وبحسن سلوكه على الصعيدين الداخلي والإقليمي.
ويُعَد أحدَ بواعث القلق الرئيسية بالنسبة لإسرائيل هو احتمالية [تنامي] النفوذ الإسلاموي في إطار الشراكة السورية القطرية. وعليه، فمن المهم تشجيع تنويع مصادر المساعدات و"الركائز" التي تعتمد عليها القيادة السورية الجديدة، وخصوصًا تشجيع مشاركة أوسع من قبل كافة دول الخليج، وذلك بهدف موازنة وتخفيف حدة النفوذ الأيديولوجي لتركيا وقطر.
الآراء المعبر عنها في منشورات معهد دراسات الأمن القومي هي آراء المؤلفين وحدهم.
[1] هذا الرقم ليس قيمة ديون سوريا للبنك الدولي، إنما هو ديون سوريا للمؤسسة الدولية للتنمية، وهو صندوق البنك لمساعدة البلدان الأشد فقرًا.
[2] مذكرة التفاهم هي وثيقة تعبر عن اتفاق مبدئي ونوايا مشتركة بين طرفين أو أكثر. وأهم ما يميزها أنها غير مُلزِمة قانونياً في معظم الحالات، على عكس العقد الرسمي.
[3] اختصارا: ترجمتي لكلمة "אסלאמיסטי" بإسلاموي قائمة على أن المتحدث يفرّق بين مصطلح "אסלאמי/ Islamic" و" אסלאמיסטי/ Islamist".
أما تفصيلا: ففي اللغات الأعجمية كثيرا ما يفرّقون في الاستخدام بين مصطلح אסלאמי (Islamic): "إسلامي"، وبين مصطلح אסלאמיסטי (Islamist): "إسلامستي"، أما الأول فهو توصيف عام عندهم، قد يكون ثقافيا أو دينيا أو حضاريا، مثل: الفن الإسلامي: האמנות האסלאמית/ Islamic art، القانون (الفقه) الإسلامي= המשפט האסלאמי/ Islamic law. وأما الآخر فهو توصيف فكري سياسي —مثل ما يعرف بالإسلام السياسي— من ناطقي هذه اللغات (ومن سار مسارهم)، فيقولون: קבוצות אסלאמיסטיות/ Islamist groups= جماعات إسلاموية. والحق أن هذا المصطلح (Islamist / إسلاموي) غالبا ما يصدر عن أناس مناوئين لهذه الحركات وتلك الأفكار (ومن يرددون ألفاظهم بوعي أو بدون وعي)، وقد اخترعوه ليفرقوا بين الانتماء العام أو الثقافي للإسلام، وبين ((التطرف)) بالسعي إلى تطبيقه ((خارج المسجد))، بدعوى أن الدين لا يخرج من المسجد، وأن كل تفكير في إرسائه خارج المسجد هو تطرف وتفكير Islamist. وإنني لما وقفتُ على هذا التفاوت في المقصد والاستعمال، الذي يعكس اختلافا في المفهوم والغاية، آثرت استخدام مصطلح "إسلاموي" تفريقا بين المعنيين وتنبيها على أن المتحدث إنما أراد المعنى الآخر. ولست أدعي أن المصطلح من ابتكاري، إنما سبقني إليه كثيرون.
© المحتوى من إعداد أحمد الجرواني – يُمنع النسخ دون إذن.
إرسال تعليق